ظاهرة الباعة المتجولين في مدينة تمارة خلال 2024: الأسباب، التحديات، وحلول مستدامة

 

تعد ظاهرة الباعة المتجولين من القضايا التي تشغل الرأي العام في مدينة تمارة، حيث أصبحت هذه الظاهرة أكثر انتشارًا في السنوات الأخيرة. وبينما تُعتبر مصدر رزق لفئة كبيرة من المجتمع، فإنها تُثير العديد من الإشكالات الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية. يتناول هذا التقرير تحليلًا مفصلًا لأسباب هذه الظاهرة، نتائجها، وسبل معالجتها.

1. العوامل المؤدية لانتشار الباعة المتجولين في تمارة

أ) العوامل الاقتصادية:

  • ارتفاع معدلات البطالة: تعاني المدينة من تحديات اقتصادية تتجلى في قلة فرص العمل، مما يدفع العديد من الأشخاص، خاصة الشباب، للجوء إلى البيع المتجول.
  • ضعف الدخل الفردي: يعتبر البيع المتجول مصدر دخل يومي يوفر للباعة فرصة تأمين متطلبات الحياة الأساسية.
  • تأثيرات جائحة كورونا: أدت الجائحة إلى تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة الاعتماد على القطاع غير المهيكل.

ب) العوامل الاجتماعية:

  • الهجرة الداخلية: يشهد إقليم تمارة توافد عدد كبير من سكان المناطق القروية المجاورة بحثًا عن فرص عمل، ما يساهم في تضخم هذه الظاهرة.
  • ضعف التكوين المهني: غياب برامج تكوينية فعالة تدعم تأهيل الفئات المهمشة وإدماجها في سوق العمل الرسمي.

ج) العوامل الإدارية والبنيوية:

  • قلة الأسواق المنظمة: تفتقر مدينة تمارة إلى عدد كافٍ من الأسواق التي يمكن أن تستوعب هذه الفئة.
  • ضعف الرقابة: غياب آليات فعالة لتنظيم البيع المتجول أدى إلى التوسع العشوائي للظاهرة.

2. نتائج الظاهرة على المدينة

أ) النتائج الاقتصادية:

  • التأثير على الاقتصاد الرسمي: يؤدي انتشار البيع المتجول إلى منافسة غير عادلة للتجار النظاميين، ما يؤثر على عائداتهم.
  • فقدان الدولة للموارد الضريبية: يساهم النشاط غير المهيكل في تقليل الإيرادات الضريبية للدولة.

ب) النتائج الاجتماعية:

  • احتلال الفضاءات العمومية: يشكو المواطنون من صعوبة التنقل بسبب استغلال الأرصفة والساحات العمومية من طرف الباعة.
  • المشاحنات الاجتماعية: تنشأ أحيانًا خلافات بين الباعة، أو بينهم وبين السكان المحليين أو السلطات.

ج) النتائج البيئية:

  • تراكم النفايات: يترك الباعة غالبًا مخلفات سلعهم مما يؤدي إلى تشويه المنظر العام وزيادة التلوث.
  • إعاقة جهود التهيئة الحضرية: يشكل الانتشار العشوائي عائقًا أمام تحسين جمالية المدينة وتطويرها.

3. سبل معالجة المشكلة

أ) الحلول الاقتصادية:

  • إحداث أسواق مهيكلة: توفير فضاءات منظمة ومجهزة تستوعب الباعة المتجولين بشكل قانوني.
  • تسهيل الولوج للتمويل: تقديم قروض صغيرة بفوائد منخفضة لدعم انتقال الباعة المتجولين إلى أنشطة اقتصادية مهيكلة.
  • تشجيع التعاونيات: دعم تأسيس التعاونيات المهنية للباعة بهدف تنظيمهم وتطوير أنشطتهم.

ب) الحلول الاجتماعية:

  • التأطير والتكوين المهني: إطلاق برامج تكوينية لتأهيل الباعة المتجولين في مجالات مهنية مختلفة.
  • تعزيز الحوار المجتمعي: إشراك الباعة، الساكنة، والسلطات المحلية في مناقشة حلول مستدامة.

ج) الحلول الإدارية والتنظيمية:

  • تطبيق القانون بمرونة: تنظيم البيع المتجول دون إقصاء الباعة أو التضييق عليهم، مع توفير بدائل فعالة.
  • زيادة الرقابة وتحسين البنية التحتية: تقوية حضور السلطات المحلية مع تطوير الفضاءات العمومية لتلبية احتياجات جميع الفئات.

د) الحلول البيئية:

  • إطلاق حملات توعية بيئية: توعية الباعة بأهمية الحفاظ على نظافة الفضاءات العامة.
  • توفير حاويات القمامة: وضع حاويات مخصصة للنفايات في الأماكن المخصصة للنشاط التجاري.

تتطلب معالجة ظاهرة الباعة المتجولين في مدينة تمارة اعتماد رؤية شمولية تجمع بين الحلول الاقتصادية، الاجتماعية، والتنظيمية. ويظل الحوار بين مختلف الفاعلين المحليين، بما في ذلك السلطات، الساكنة، والباعة أنفسهم، مفتاحًا لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية واحتياجات الفئات الهشة. تعد هذه القضية اختبارًا حقيقيًا لقدرة المدينة على تحقيق تنمية مستدامة وشاملة في 2024 وما بعدها.

ع.ع